يعتبر هذا السفر العظيم من أعظم كتب التراجم التي انتهت إلينا من تراث الأقدمين، فهو يبين عن سعة إطلاع المؤلف رحمه الله على كل ما سبقه من تواليف في موضوعه، ودراية تامة بأحوال المترجمين، وبكل ما قيل في حقهم، وقدرة بارعة على غربلة الأخبار وتمحيصها وتنقيدها، وبيان حالها.
وتميزه عن غيره من الكتب التي ألفت في بابه أنه أول كتاب عام للتراجم في تراثنا، تناول جميع العصور التي سبقت عصر المؤلف، واشتملت تراجمه على الأعلام المختارة من جميع العالم الإسلامي، فشملت تراجمه كل فئات الناس، إلا أنه آثر المحدثين على غيرهم فإنه كان عظيم الإكبار لهم، وشديد الكلف بهم.
وقد ترجم للأعلام النبلاء من بداية الإسلام إلى سنة 700هـ تقريبًا، وقسمه على أربعين طبقة كل منها تستوعب عشرين سنة، وأفرد المجلدين الأول والثاني للسيرة الشريفة ولكنه لم يعد صياغتهما وإنما أحال على كتابه “تاريخ الإسلام” لتؤخذ منه، وتضم إلى السير