(علم المتشابه) هو النوع الخامس من أنواع علوم القرآن حسب ما رتّبه الزركشي في برهانه، وعدَّ الكرمانيَّ أبرز روّاده، وهو عِلْم صنَّف فيه علماؤنا الأولون، وفي مقدمتهم السخاوي الذي نظمه في (هداية المرتاب)، والخطيب الإسكافي في (درة التنزيل وغرة التأويل)، وابن الزبير الغرناطي في (ملاك التأويل بذوي الإلحاد والتعطيل في توجيه المتشابه اللفظ من آي التنزيل)، وخصّص الكرماني مصنفه الماتع (البرهان في توجيه متشابه القرآن) لتوجيه الألفاظ المتشابهة في القرآن والذي اعتمد عليه ابنُ جماعة في (كشف المعاني في المتشابه من المثاني)، واختصره زكريا الأنصاريُّ في (فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن) وغيرها من التصانيف الدقيقة في بابها، العميقة في توجيهاتها.
ويُعَدُّ كتابُ الكرماني واسطة عقد المصنفات الأولى؛ لأخذه من الخطيب الإسكافي والزيادة عليه، مع تأثيره البالغ فيمَن جاء بعده، واستفادتهم منه؛ لذا حُقَّ لنا أن نَخُصّه بعرض علمي يستهدف مادته بالتحليل، وجدواه في تخصّصه بالتقويم، ومقاربته لقضايا فنِّه بالحكم المنهجي إيجابًا وسلبًا، ومزاياه وبعض معالم الإبداع فيه.