اصول وقواعد في تفسير القرآن الكريم، جليلة المقدار، عظيمة النفع، تعين قارئها ومتأملها على فهم كلام الله، والإتداء به، ومخبرها أجل من وصفها، فإنها تفتح للعبد من طرق التفسير ومنهاج الفهم عن الله ما يعين على كثير من التفاسير الحالية في هذه البحوث النافعة. أرجو الله وأسأله أن يتم ما قصدنا إيرادنا، ويفتح لنا من خزائن جوده وكرمه ما يكون سببا للوصول إلى العلم النافع، والهدى الكامل.
واعلم أن العلم التفسير أجل العلوم على الإطلاق، وأفلها وأوجبها، وأحبها إلى الله، لأن الله أمر بتدبر كتابه، والتفكر في معانيه، والإهتداء بآياته، وأثنى على القائمين بذلك، وجعلهم في أعلى المراتب، ووعدهم أسنى المواهب، فلو أنفق العبد جواهر عمره في هذا الفن لم يكن ذلك كثيرا في جنب ما هو أفضل المطالب، وأعظم المقاصد، وأصل الأصول كلها، وقاعدة أساسات الدين، وصلاح أمور الدين والدنيا والآخرة، وكانت حياة العبد زاهرة بالهدى والخير والرحمة، وطيب الحياة، والباقيات الصالحات.
فلنشرع الآن بذكر القواعد والضوابط على وجه الإيجاز الذي يحصل به المقصود، لأنه إذا انفتح للعبد الباب، وتمهدت عنده القاعدة، وتدرب منها بعدة أمثلة توضيحها، تبين طريقها ومنهجها، لم يحتج إلى زيادة البسط، وكثرة التفاصيل.