كتاب علمي جامع، متخصص في أحكام الإمامة وما يليق بها أو يطرأ عليها، من أوائل ما كتب في هذا الباب، وندر وجود مزاحم له بحسن تقاسيمهوتفريعه، وتقديراته واحتمالاته، فهو بحق من أنفس الكتب في موضعه. وقضية الإمامة قضية عظيمة من مهمات الدين، حتى أُفرد لها باب خاص في كتب الكلام والعقيدة، وبحثت في كتب الأصول عموماً، وكتب السياسة الشرعية خصوصاً مع ما يناسبها من أبواب الفقه. ومرور الأيام لا يزيدها إلا أهمية، ولا سيما في عصرنا الحاضر المتموج بالغرائب. وأما الشق الثاني من «الغياثي».. فقد أوضحه وأبان عن منهجه فيه مصنفه الإمام الجويني إذ يقول: (فليت شعري ما معتصم العباد إذا طما الفساد، واستبدل الخلق الإفراط والتفريط عن منهج الاقتصاد، وبلي المسلمون بعالم لا يوثق به لفسقه، وبزاهد لا يقتدى به لخُرقه؟! أيبقى بعد ذلك مسلك في الهدى، أم يموج الناس بعضهم في بعض مهملين سُدى، متهافتين على مهاوي الردى؟!). ثم إن فضيلة الأستاذ الدكتور المحقق عبد العظيم محمود الديب رحمه الله تعالى لم يقف عند تحقيق نص هذا الكتاب العظيم وإخراجه سليماً من عوار التصحيفات وسوء الفهم، بل قدَّم له بمقدمة علمية مستفيضة، جاء فيها بدراسات وافية حول موضوع الكتاب ومعاناته العلمية في سبيل إخراجه، وجلى فيها شخصية إمام الحرمين بما لا مزيد عليه. وهذا الكتاب حريٌّ بأن يدرَّس في الأقسام السياسية في جامعات العالم؛ حتى يجعلوه منارةً تضيء لهم الدروب في هذا المسلك المهم