كتاب أشرقت أنواره، وظهرت أسراره، واشتهرت أخباره، وأينعت ثماره، كتاب الشمائل المحمدية للإمام الحافظ المحدث الترمذي رحمه الله تعالى، الذي سارت به الركبان، وغرف من معينه القاصي والدان. كتاب حوى شمائل وأخلاق سيد الورى ﷺ، تميل إليه الأفئدة، وترتاح إليه النفوس، وتسر به الأرواح وتنشرح له الصدور؛ لأنك تتأسى فيه بسيد العالمين ـ عليه الصلاة والسلام ـ بعلم ويقين. قال الإمام الشعراني رحمه الله تعالى: (كل طريق لم يمش فيها رسول الله ﷺ.. فهي ظلام، ولا يأمن سالكها من العطب). ومعرفة الشمائل تستدعي محبته واتباعه ﷺ في صفاته وسيرته؛ كسخائه وحلمه وتواضعه، وزهده وعبادته، وغيرها من مكارم أخلاقه، وشرائف أحواله ﷺ، رزقنا الله وإياكم محبته واتباعه. ن رسول الله ﷺ هو الميزان الأكبر، فعليه تُعَرض الأشياء: على خُلُقه وسيرته وهديه؛ فما وافقها.. فهو الحق، وما خالفها.. فهو الباطل. لقد كتب الله القَبول لكتاب الإمام الترمذي، وكان مورداً معيناً لمن بعده، فأقبل عليه العلماء بخدمات متعددة، فكتبوا الشروح والحواشي، ومن آخرهم وفاة: الإمام الباجوري، شيخ الأزهر الشريف، وشيخ الشافعية المتأخرين، وقد قال في مقدمة كتابه هذا: (إن كتاب « الشمائل » للإمام الترمذي من المواهب، وطار في المشارق والمغارب، وقد تصدَّى لشرحه العلماء الأعلام؛ لكن وقع لبعضهم ما عُدَّ من السقطات والأوهام، فسألني بعض الإخوان ـ أصلح الله لي وله الحال والشان ـ أن أكتب عليه كتابة منتخبة من الشُّرَّاح، متضمنة للكشف عن أسرار الكتاب مع الإيضاح، فأجبته لذلك…). فهو كتاب مهم، من أنفع كتب الشمائل، يشهد بجلالة قدره جلالةُ قدر مؤلفه ومحققه؛ إذ أتحفنا والمسلمين بهذا السِّفر، المبارك العظيم القدر؛ ليكون درة على جبين الدهر، ونرجو من الله القبول؛ فإنه خير مأمول