دراسةٌ جَمَعَت بين التنظير والتطبيق لموضوع الخلاف بين السلف في التفسير، تناولت أساليب تفسير السلف، وأنواع الاختلاف الواقعة في تفسيرهم، وأسباب ذلك الاختلاف، وكيفية التعامل معه، وطريقة توجيه أقوالهم، وعرَضت إشكالية التعامل مع أسانيد التفسير ومنهج تلقي روايات المفسرين، ثم خُتِمَت بدراسةٍ تطبيقيّة
تأتي هذه الدراسة ضمن الإصدارات التي نشرها مركز تفسير للدراسات القرآنية، وأصلها رسالة ماجستير، أعدَّها الباحث/ محمد صالح محمد سليمان، ونوقشت عام 1428هـ بقسم التفسير، بكلية أصول الدين، بجامعة الأزهر الشريف، بمصر، وأُجيزت بتقدير ممتاز مع التوصية بالطباعة، وقرَّظها: أ.د/ مساعد الطيار، أ.د/ أحمد سعد الخطيب).
وقد نُشرت الطبعة الأولى من هذا الإصدار عن المركز عام 1436هـ-2015م، في مجلد واحد، وعدد صفحاته (599) صفحة.
وتمثَّلت أبرز أهداف الدراسة فيما يأتي:
1- دراسة اختلاف السلف في التفسير تنظيرًا وتطبيقًا.
2- بيان خصائص تفسير السلف.
3- بيان أساليب السلف في التفسير.
وقد اقتصرت الدراسة -لاعتبارات منهجية- في جمع الأقوال المدروسة على تفسيري الطبري وابن أبي حاتم، وفي سبيل الوصول إلى تصور جيد للموضوع قامت الدراسة باستقراء جملة من التفاسير والمؤلَّفات وتتبَّعت فيها خلاف السلف في التفسير وكيفية التعامل معه.
وجاءت الدراسة في بابين تسبقهما مقدمة وتمهيد، وتقفوهما خاتمة:
أمّا المقدمة فكانت لبيان أهمية الدراسة وأسباب اختيارها، واستعراض الدراسات السابقة، وخطة الدراسة ومنهجها.
وأمّا التمهيد فكان لبيان عدّة مفاهيم؛ مفهوم الخلاف، ومفهوم السلف، والتفسير.
وتناول الباب الأول: (الدراسة النظرية)، وحوى أربعة فصول:
الفصل الأول: خصائص وأساليب تفسير السلف.
الفصل الثاني: الاختلاف وأنواعه.
الفصل الثالث: أسباب الخلاف بين السلف في التفسير.
الفصل الرابع: أسانيد التفسير بين إشكالية التعامل ومنهج التلقِّي.
وتناول الباب الثاني: (الدراسة التطبيقية على مواطن الخلاف في تفسير السلف من أول سورة الفاتحة إلى آخر الربع الثالث من سورة البقرة).
وقد خلصَت الدراسة إلى نتيجة مركزيّة تمثّلَت في أن تفسير السلف أصل أصيل وركن ركين من أصول التفسير، ولا يجوز لطالب الحق إهماله أو تركه؛ إذ بتركِه وإهمالِه يقع الباحثون في مزالق خطيرة وأخطاء كبيرة، وأنّ عدم المعرفة بطرق السلف في التعبير عن المعاني من أكبر العوائق التي تحول دون فهم كلامهم.
وأمّا النتائج التفصيلية للدراسة فأبرزها ما يأتي:
1- تميز تفسير السلف بميزات عديدة؛ أهمها قلة الخطأ فيه، وغالب ما نُسب إليهم من أخطاء فإمّا أن يكون غير ثابت صحته عنهم، أو مفهومًا على وجه لم يقصدوه، أو محمولًا على سياق أو مقام غير الذي فسروا فيه.
2- غلب على تفسير السلف العناية بالمعنى، وأنواعه ثلاثة؛ تفسير باللازم، وتفسير بجزء المعنى، وتفسير بالمثال. وأكثرُه ورودًا عندهم التفسير بالمثال.
3- احتمال النص القرآني لمعانٍ متعددة من أهم الأسس التي يقوم عليها فهم الخلاف بين السلف، ويرجع هذا الاحتمال إلى ثلاثة أسباب رئيسة؛ كون القرآن كتابًا معجزًا، وكونه بلغة العرب، وكونه كتابَ هدايةٍ للعالم أجمع على مرِّ الزمان.
4- اختلاف التنوع هو: أن يرِد في معنى الآية أقوال غير متنافية؛ سواء أمكن قبولها جميعًا لصحتها أو رُدَّ بعضها لخطأ لا في نفسه، ولكن لقيام قرائن أخرى؛ كالسياق ونحوه.
5- اختلاف عبارة المفسرين في التعبير عن المعنى الواحد راجع إلى تعدد الوجوه التي منها تختلف العبارات؛ كالتعبير عن الشيء باسمه أو بنسبه ونحو ذلك. وتعدُّد العبارات يكون لأحد أمرين؛ إمّا لأن الشيء في نفسه لا يمكن إبرازه إلا بالعبارات الدالة على أوصافه، وإمّا لأن الشيء له تركيبات وأحوال، فتختلف العبارات باختلاف أحواله وتركيباته.
6- الغالب على أسانيد التفسير الضعف، والأصل إمرارها وقبولها رغم ضعفها إلا في حالات معيّنة، وتجريد كتب التفسير من الآثار الضعيفة يوقع في عدّة أخطاء ومخاطر