اختصر الإمام النووي رحمه الله تعالى كتابه «التقريب والتيسير لمعرفة سنن البشير النذير» في أصول الحديث من كتابه الأكبر «إرشاد طلاب الحقائق»، والذي اختصره أيضاً من كتاب «مقدمة ابن الصلاح» رحمهما الله تعالى، فكتابه خيار من خيار من خيار
ثم جاء الحافظ الإمام، والبحر الهمام: أبو الفضل جلال الدين السيوطي رحمه الله تعالى، فسكب من مزن فضله وعلمه، ونثر من درر ما جمع من نثره ونظمه، فأتحفنا بكتاب لم يسبق إليه، ولم يؤلف على منواله لغزارة علومه؛ حيث قال في مقدمته: (هذا؛ وقد طالما قيدت في هذا الفن فوائد وزوائد، وعلقت فيه نوادر وشوارد، وكان يخطر ببالي جمعها في كتاب، ونظمها في عقدٍ لينتفع بها الطلاب، فرأيت كتاب «التقريب والتيسير» لشيخ الإسلام الحافظ، ولي الله تعالى أبي زكريا النواوي: كتاباً جل نفعه، وعلا قدره، وكثرت فوائده، وغزرت للطالبين موارده
وهو مع جلالته وجلالة صاحبه، وتطاول هذه الأزمان من حين وضعه لم يتصدَّ أحدٌ إلى وضع شرح عليه، ولا الإنابة إليه، فقلت: لعل ذلك فضلٌ ادخره الله تعالى لمن يشاء من العبيد، ولا يكون في الوجود إلا ما يريد)
وهذا الكتاب من أجلِّ ما أُلف في هذا العلم، ومن أنفع وأجمع ما صُنِّف لأهل الفهم؛ فلقد حرر المسائل، وجاء بكلام الأواخر والأوائل، موضحاً ومبيناً، وناقداً وشارحاً
ثم تصدى لخدمة هذا الكتاب وتحقيقه فضيلة العلامة المحدث الشيخ محمد عوامة حفظه الله تعالى، فقابل الكتاب على خمس نسخ خطية، أثبت فيه نص الكتاب الصحيح بإتقانه المعروف، وأشار لبعض الفروق مما له فائدة وأهمية
ثم ثنى بحاشية العلامة ابن العجمي رحمه الله تعالى، والذي طرز نسخته بفوائد مهمة وحواشي مفيدة، سطرها بهامش نسخته، مما زاد من رفعة هذا الكتاب وأهميته، مع تخريج نصوصه وإيضاح مكنونه، وذكر فوائد حديثية، ونفائس علمية، ومناقشة كثير من الآراء مما له أهمية، مع فهارس متنوعة، نسأل الله أن يجزي المؤلف والمحقق خير الجزاء، وأن يجري النفع على يدي محققه؛ إنه خير مأمول وأكرم مسؤول