اعلم أن مطلق الهوى يدعو إلى اللذة الحاضرة من غير فكر في عاقبة، ويحث على نيل الشهوات عاجلًا، وإن كانت سببًا للألمِ والأذَى في العاجل، ومنعِ لذَّاتٍ في الآجل
فأما العاقل فإنه ينهى نفسه عن لذةٍ تُعقبُ ألمًا، وشهوةٍ تُورث ندمًا، وكفى بهذا القدر مدحًا للعقل، وذمَّا للهوى
فإن قال قائل: فكيف يتخلَّص مِن هذا مَن قد نشب فيه؟
قيل له: بالعزم القوي في هجران ما يؤذي، والتدرج في تركِ ما لا يُؤمن أذاه، وهذا يفتقر إلى صبرٍ ومجاهدة
فبادر - يا أخي، وفَّقنا الله وإياك لمراضيه، وعصمنا وإياك عن معاصيه - إلى استعمال الدواء، وبالغ في ملازمة الحمية، وقد رجوتُ لك العافية
واعلم أني قد نزلتُ - لأجلك - في هذا الكتاب عن يفاع الوقار، إلى حضيض الترخُّص فيما أُورد ؛ اجتذابًا لسلامتك، واجتلابًا لعافيتك، فليكن هذا الكتاب سميرَكَ، واستعمال ما آمُرُكَ به فيه شُغْلَكَ، والله وليُّ صلاحك؛ فإنه لا عاصم إلا مَن رحم