كتاب «الاستذكار لمذاهب علماء الأمصار فيما تضمّنه الموطّأ من معاني الرأي والآثار»، هو كتابٌ مبسوطٌ، شرح فيه الإمام ابن عبد البرّ رحمه الله الموطّأ، للتنبيه على معاني الأحاديث وما يرتبط بها من الفقه. وتبرز أهميّةُ الكتاب في كونه كتابًا قليلَ النَّظِير في أصول الفقه والفقه المُقارن، لا سيما في القُرون الثلاثة الأولى التي نشأ فيها الفقه وتبلور ورسخت قواعدُه، ولِما تميَّزَ به مؤلّفُهُ من امتلاكٍ غزيرٍ لأدواته؛ فَهْمٌ سَوِيٌّ لكتاب الله، وتعمّقٌ في معرفة الحديث وعُلُومه وعِلَله وصحيحه وسَقِيمه، واطلاعٌ وسيعٌ على آثار الصحابة والتابعين والخالفين وطرائق استدلالهم، وما أوتي من فِكْر نَيِّر مُشْرق مُلهم، واستقلال في الرأي، ونَزاهة نَفْسٍ عن التعصّب الذَّميم، وصَلابةٍ في قول الحقّ، وإن كان مُخالفًا لمذهبه. كما لم يترك فقيهًا من السلف ولا مذهبًا من المذاهب إلا واستدلّ به في المسألة التي يبحثها
استوعب الاستذكار ما يزيد عن ستين ألف حديثٍ شملت جلّ أحاديث السنن والأحكام والفقه. واستعمل هذه الثروة الحديثية في تقنين الفقه الإسلامي. كما تمّ ترتيبه حسب الموطّأ
تفرّد كتاب الاستذكار بالإضافات العلمية والفوائد الحديثية أو الفقهية أو اللغوية الكثيرة والمتنوّعة
بذلَ المحقّق مع فريق مُتَميّز من تلامذته النُّجُب جُهدًا متميزًا في جمع نُسخ الكتاب الخطية، وتتبُّعِها في خزائن الكُتب العالمية، ومحاولةِ إخراجِ نص جَهِدَ أن يكون هو الذي كتبهُ المؤلّف وارتضاه، فقابلوا النسخَ وأعادوا المقابلة غير مرّة عند إنعام النَّظَر في النصّ، وكان الترجيح بين القراءات يتمّ بناءً على التعليل والخبرة وأسلوب المؤلّف
ويتميّز هذا الكتاب بوجود فهرس لفتاوى الفقهاء من الصحابة والتابعين والخالفين، بالإضافة إلى جمع كل ما قاله ابن عبد البرّ من فقه عمر ابن الخطّاب رضي الله عنه، وعائشة وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما، وغيرهم من التابعين وأصحاب المذاهب