المقدمات العشر لتفسير التحرير والتنوير
تتميز بـ: إيضاحات كاشفة لمكنوناتها، وضبط النص ضبطا علميا، وتوثيق عمل المؤلف، مع اعتماد رواية قالون لآياتها
فقد عشت مُدَّة مع الموسوعة التفسيرية النفيسة «التحرير والتنوير»، التي أنجزها رائد التفسير القرآني في القرن الرابع عشر الهجري الإمام محمد الطاهر بن عاشور (ت: 1393) عند التحضير لأطروحة الدكتوراه، وحاولت الاقتراب من شخصيته التفسيرية، ومسلكيته في العلم والتأصيل، وفهم طريقة عمله وأدائه في التفسير، فقضيت مُدَّة في تفكيك مقدماته العشر والتنقيب والحفر في مضامينها، وما أودعه فيها من آراء خاصة ونتائج مستقلّة، وما قدمه فيها من طرق وأساليب وقواعد، إذ ضمنها كثيرًا من العلوم والمعارف، وجعلها مادة مركزة لمريدي التفسير، وزودها بالأدوات الموارد التي يحتاجها المفسر، وأشبع كثيرًا من قضاياها بحثًا ونقاشا، وعند تأملي في ثناياها واستخراجي للعديد من كنوزها، تبيَّن لي أنها بحاجة إلى إعادة تحقيق، يُسهم في جلائها، ويكشف عن مضامينها الثمينة، ويصحح الأخطاء التي صاحبتها، ويجعلها على نسق يجري على تصاميم العصر في الإخراج، ويزودها بما يثريها من الأفكار، ويوثق مصادرها ليزيدها علميَّة، فراودتني الفكرة وضايقتني كثيرًا، وألحت عليَّ بالإقدام، وكنت طيلة بحث الدكتوراه الذي حمل عنوان: (التقعيد التفسيري عند الطبري وابن عاشور، دراسة في المنهج والاستعمال والأطروحة الأخرى التي حملت عنوان: التطبيقات الأصولية عند الإمام ابن عاشور في التحرير والتنوير) قد خطت التفسير طولا وعرضًا، وفهمت كثيرًا من أسراره وخفاياه وصحبت المؤلف في هذا العمل الموسوعي الذي يمثل أعظم منجزات الحضارة الإسلامية في قرنها الرابع عشر الهجري، فبدأت حينها بتحقيق «المقدمات» لتكون نسخة شخصية خاصة بي أستفيد منها عند الرجوع إليها، ولكن الفكرة تطوَّرت، وألحت بالخروج ، وباتت بعد الانتهاء من تحقيق «المقدمة الأولى» تدعوني لإخراجها للعموم، فدلفت للعمل فيها بنَفَس أكثر دقة وترتيبا، وهكذا مضت الأيام، وتصرّمت الشهور حتى أتيت على نهايتها بفضل الله تعالى ومدده وتوفيقه، فهو المعين على الإقدام المثبت لاضطراب الأقدام، الهادي عند حلول المعضلات إلى سبل السلام، ووصلت لهذه النتيجة في تحقيقها ولعلّي قد وفقت