الخراسانية في شرح العقيدة الرازين - اصول السنة واعتقاد الدين
Sold Out
£17.00
This product is sold out
أكثَرُ البلادِ الإسلاميَّة التي اجتمَعَت فيها فلسفةُ أهلِ الدِّياناتِ السَّابقة وفلسفةُ المُسلمين: هي بلادُ خُراسان؛ فقد اجتمعَ فيها أئمَّةُ الهدى، كالرازيَّينِ: أبي حاتمٍ محمَّدِ بنِ إدريس الرَّازيِّ، وأبي زُرعةَ عُبَيد اللهِ بنِ عبدِ الكريمِ الرَّازي- رَحِمَهما الله- وغيرِهما، وأئمَّةُ الفَلاسفةِ والمتكَلِّمينَ الذين انصَرَفوا عن المُعتَقَد الصَّحيحِ، فحَرَّفوه وبدَّلوه عامدينَ أو غيرَ عامِدينَ، كالفارابي وابن سينا، والجُويني والغزالي، والرَّازي وغيرهم.
وقد كان الرَّازيَّانِ مِن رؤوسِ العِلمِ في خُراسان، وقد جمعا مع العِلمِ بالوَحيِ سلامةَ الفَهمِ، ونَقاوةَ المَشرَب.
وكتاب هذا الأسبوعِ (الخُراسانية في شَرحِ عقيدةِ الرَّازِيَّينِ) شرحٌ مُوسَّعٌ للعقيدةِ التي كتبها الرازيَّانِ: أبو زُرعةَ وأبو حاتمٍ، وذكرا في أوَّلِها أنَّ هذا هو ما أدركا عليه العُلَماءَ في جميعِ الأمصارِ؛ حجازًا وعِراقًا، ومِصرًا وشامًا ويَمَنًا.
وقد أشار المؤلِّفُ إلى أنَّ هذه العقيدةَ على اختصارِها، جاءت جامعةً لِمُهمَّاتِ المُعتَقَد الصَّحيح الذي عليه الصَّحابةُ والتَّابعون وأتباعُهم، وعلى الأثَرِ النبويِّ والاستعمالِ الصَّحيح، فذكرا فيها أكثَرَ مسائِلِ أصولِ الدِّينِ؛ كالأسماءِ والصِّفاتِ والعلم ِبمعانيها، وتفويضِ كيفيَّتِها، وأنَّ القُرآنَ كلامُ الله غيرُ مَخلوقٍ، ومسائلِ الأسماءِ والأحكامِ، وحقيقةِ الإيمانِ، وحُكمِ مُرتَكبِ الكبيرةِ، والوعدِ والوعيدِ، والقضاءِ والقَدَر، والصحابةِ وما شجَرَ بينهم، وعلاماتِ أهلِ البِدَع والزَّيغِ، وغير ذلك من مهمَّاتِ مسائلِ الاعتقادِ.
وقد بدأ المؤلِّفُ بعد المقدمة بذكرِ عقيدةِ الرازيَّينِ كاملةً، وذكر هامشًا في توثيقِها، ومَن نقَلَها تامَّةً من العلماءِ كاللَّالَكائيِّ، أو نقل بعضَها كالصَّابوني، والهَرَوي، وابنِ قدامة، والذَّهبي وغيرهم.
ثم ذكر بعدها نقاطًا مُجمَلةً، كالتمهيد للشَّرحِ، تكلَّم فيها عن:
-
المُحكَم والمَنسوخ من الشَّرائع
-
أشرَفِ العلومِ وأصَحِّها وأسبابِ الانحرافِ عنها
-
ألفاظِ الوَحيِ واستعمالاتِ العَرَب
ثم بدأ المؤلِّفُ بالشرح فذكر مُفتَتَح العقيدة، وجاء فيها:
(قال أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم: سألتُ أبي وأبا زُرعةَ رَضِيَ الله عنهما عن مذاهبِ أهلِ السُّنَّة في أصولِ الدِّينِ، وما أدركا عليه العُلَماءَ في جميع الأمصارِ، وما يعتقدانِ في ذلك، فقالا: أدرَكْنا العُلَماءَ في جميعِ الأمصارِ؛ حجازًا وعراقًا ومِصرًا وشامًا ويمَنًا، فكان من مذاهِبِهم ...) فذكرا جملةَ مُعتَقَدِهم رضي الله عنهما.
وقد شرح المؤلِّفُ في هذه الافتتاحية شيئًا مِن عقائد الخُراسانيِّينَ وفَضلِهم، ثم تكلَّم عن ظهور عِلمِ الكلامِ في خراسان، وأشار إلى أنَّ عامَّةَ أهلِ الحديثِ في المئةِ الثَّالثة وأكثَرِ المئة الرابعة في بلادِ ما دونَ النَّهرِ وما وراء النهرِ، ما كانوا إلَّا على عقيدةِ السَّلَف، وبَقِيَ الأمرُ كذلك حتى قَدِمَ بعضُ الخُراسانيِّينَ من العراقِ بعِلمِ الكلامِ مِن أصحابِ أبي الحسَنِ الأشعريِّ، كابن فُورَك وأبي إسحاقَ الإسفِرايِيني وعبدِ القاهرِ البَغداديِّ.
ثم تكلَّمَ عن شُيوعِ عِلمِ الكلامِ في المذاهبِ، والفلسفةِ، وعِلمِ الكلامِ في خُراسان، وغيرها من الأمورِ
ثم بدأ بشَرحِ أوَّلِ مسألةٍ مِن مسائلِ عَقيدةِ الرَّازيَّينِ، وهي قولهم (الإيمانُ: قَولٌ وعَمَلٌ) ففصَّلَ المؤلِّفُ القولَ فيها، وذكر نشأةَ الخِلافِ في الإيمانِ وسبَبَه، وأوَّل من أخرج العمَل مِن مُسمَّى الإيمانِ، وأشار إلى أنَّ الاختلافَ فيه هو أوَّلُ اختلافٍ وقع في أصولِ الدِّينِ بين أهلِ القِبلةِ، وشاع وقَوِيَ في خُراسان، وأصَّلَ له متكلِّموها ومن قال بقَولِهم.
وممَّا ذكره في الشَّرحِ أنَّ قَولَهم: (الإيمانُ قَولٌ وعمَلٌ) بيانٌ لحقيقةِ الإيمانِ، وأنَّه شامِلٌ للأقوالِ والأعمالِ الظَّاهرةِ والباطنةِ، وأنَّ السَّلَف يُعَبِّرونَ عن ذلك بألفاظٍ وعباراتٍ، منها:
-
الإيمانُ قَولٌ وعمَلٌ ونيَّة. قاله الحسن البصري، وسعيد بن جُبير، والثوري وغيرهم.
-
الإيمان قَولٌ وعمَلٌ واعتقادٌ، أو عقيدة. قاله الشافعي والبَغَوي.
-
الإيمانُ المَعرِفةُ والإقرارُ والعَمَل. قاله مالك وشريك وحمَّاد بن سَلَمة وغيرهم. وغير ذلك من العبارات التي يعبِّرون بها عن ذلك.
ثم عرَّجَ على بقية مسائلِ الإيمانِ، والطوائِفِ المخالفةِ للسَّلَف في حقيقةِ الإيمان، وأقوالِ الأشاعرةِ في حقيقةِ الإيمان، ومسألة زيادة الإيمانِ ونُقصانه، وغيرِ ذلك من المسائل.
ثم بعد مسائلِ الإيمانِ تناولَ الكلامَ في القرآنِ، وأنَّه كلامُ الله المُنَزَّلُ، وأنَّه غيرُ مخلوقٍ، وذكرَ إجماعَ عُلَماءِ البُلدانِ على أنَّ القُرآنَ كلامُ اللهِ، وأنَّ كلامَ الله غيرُ مَخلوقٍ، وذكر فيه إجماعَ أتباعِ التابعينَ وأتباعِهم على أنَّ القُرآنَ صِفةٌ مِن صِفاتِ اللهِ، وأنَّه كلامُ اللهِ غيرُ مخلوقٍ، وممَّن ذكَرَهم: مالِك والسُّفيانَانِ، وابنُ المبارك والشافعي، والبخاري ومسلم، وغيرهم
ثم شرح قول الرازيَّينِ إنَّ: (كلامَ اللهِ مُنَزَّلٌ غيرُ مَخلوقٍ بجَميعِ جِهاتِه)
وذكر في ذلك نقلًا عن الإمامِ أحمد رحمه الله أنَّه قال: (يتوجَّهُ العبدُ لله تعالى بالقرآنِ بخَمسةِ أوجُهٍ، وهو فيها غيرُ مَخلوقٍ: حِفظٌ بقَلبٍ، وتلاوةٌ بلِسانٍ، وسَمعٌ بأذُن، ونظَرٌ بنَظَر، وخَطٌّ بِيَد.
فالقَلبُ مَخلوقٌ والمحفوظُ غيرُ مَخلوقٍ، والتلاوةُ مَخلوقةٌ والمتلوُّ غيرُ مخلوق، والسَّمعُ مخلوقٌ والمسموعُ غير مخلوق، والنظَرُ مَخلوقٌ والمنظورُ إليه غير مخلوق، والكتابةُ مَخلوقةٌ والمكتوبُ غيرُ مَخلوقٍ)
وعلَّقَ المؤلفُ بقولِه: إنَّ الإمامَ أحمد فَرَّق بين فِعلِ العَبدِ وكَسبِه وما قام به، فهو مخلوقٌ، وبين ما تعلَّقَ به كسْبُه، فهو غير مخلوقٍ، وأشار إلى أنَّ من لم يفَرِّقْ هذا التفريقَ لم يستقِرَّ له قدَمٌ في الحَقِّ.
وعرَّجَ المؤلِّفُ على مسألةِ بِدعةِ نَفيِ الحُروف والأصواتِ عن كلامِ اللهِ، ورَدَّ عليهم ونقَضَ بِدعَتَهم. وغير ذلك من المسائلِ المتعَلِّقة بصفة الكلام لله تعالى.
ثم تناولَ المؤلِّفُ بالشَّرحِ مسائلَ القضاءِ والقَدَر، فتكَلَّم عن الإيمانِ بالقَدَر عند السَّلَفِ وأئمَّةِ العربيَّة، وحُكم مُنكِر القَدَر، وذكر أنَّ له حالين:
الأول: أن يصَرِّحَ بإنكار عِلمِ الله، وهذا وصفٌ لله تعالى بالجهلِ، أو أنَّ ثمَّةَ مخلوقاتٍ لم يخلُقْها الله، ويكون بهذا قد جعلَ لله شريكًا في خَلْقِه، وهذا كُفرٌ بالإجماعِ.
والثانية: أن يُنكِرَ القَدَر ويُثبِتَ العِلمَ، وذكر أنَّ فيه خلافًا بين العُلَماءِ؛ فمنهم من لا يكَفِّرُه، مثل أحمدَ والرازيَّينِ، ومنهم من يكَفِّرُه، كابن عباس وابن عمر والحسن البصري.
ثم تكلَّم عن القَدَر وحِكمةِ الله ونظريَتَي الصُّدفة وداروين، والفَرق بين القضاء والقَدَر، ومراتِب القَضاء والقَدَر، والطوائف المخالِفة للسَّلَف في مسألةِ القَدَر.
ثم تكلَّم عن مسألة تعظيمِ الله بعَدم إضافة الشَّرِّ إليه، وأنَّ الأصلَ أنَّ الشَّرَّ لا يضافُ إلى الله؛ لأنَّه سبحانه وتعالى خالِقُ الشَّرِّ لا فاعِلُه، والفِعلُ يُضافُ إلى فاعِلِه الذي قام به ذلك الفِعلُ، والشَّرُّ لا يفعَلُه إلا العبدُ؛ فيُنسَبُ إليه. وغير ذلك من مسائل البحث في باب القدَر.
ثم تناول بالشَّرحِ المسائِلَ المتعَلِّقة بالصحابة وفضائلِهم، فتكلَّم عن التفاضُلِ بين المهاجرينَ والأنصار، وفضْلِ أبي بكرٍ، وبقيَّة الخلفاءِ، والتفاضلِ بين عُثمان وعليٍّ، وذكَرَ ما أسنده البيهقيُّ عن الشافعي أنَّ (إجماعَ الصَّحابة والتابعين على أنَّ ترتيبَ الخُلَفاءِ في الفَضلِ كترتيبِهم في الخلافةِ) ثمَّ تناوَلَ بقيَّةَ المسائل المعروفةِ في هذا البابِ، مثل: فضائلِ العَشرةِ المُبَشَّرين بالجنَّة، والأعمالِ التي فُضِّلَ بِسبَبِها الصحابةُ، وأسبابِ بقاءِ فَضلِ الصحابة حتى بعد تنازُعِهم واقتتالِهم، وغيرِ ذلك من المسائل.
ثم بعدها شرحَ المؤلِّفُ ما يتعلَّقُ بمسائل الصِّفاتِ التي ذكرها الرازيَّانِ في رسالَتِهما، فتكلَّمَ عن إثباتِ صفةِ العُلُوِّ الذاتي لله تعالى على ما يليقُ بجلالِه، ونَفْيِ السَّلَفِ الكَيفَ عن صفاتِ الله تعالى، وأنَّه نفيُ عِلمٍ لا نفيُ وُجودٍ، وغيرها من مسائل البابِ.
بعد ذلك عرَّجَ المؤلِّفُ على مسألةِ الإيمانِ بالجنَّة والنَّار، وأنهما مخلوقتانِ الآن، فذكر نصَّ الرازيَّينِ في ذلك، وأتبعه بالأدلَّةِ الدالَّةِ على أنَّ الجنَّةَ والنَّار مخلوقتانِ قبل عمَلِ العاملينَ وتكليفِ المُكَلَّفين، وأنَّهما باقيتانِ لا تفنيانِ أبدًا، وذكَرَ أدلَّةَ القائلين بفَناءِ النَّارِ وناقشها وأجاب عنها.
ثم ذكَرَ الإيمانَ بالصِّراطِ، وأوصافَه وحالَ المارِّينَ عليه، والإيمانَ بالميزانِ وصفَتَه، والإيمانَ بحَوضِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلم، وتواتُرَ أدلَّتِه وصفاتِه، ثم ذكرَ مسألةَ أحواضَ الأنبياءِ، وأشار إلى ثبوتُ الأحواضِ للأنبياءِ، وأنَّه كانت خصيصةُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلم بالحَوضِ، في سَعتِه وبعضِ أوصافِه، وهي كخصيصَتِه ببعض أنواعِ الشَّفاعةِ لا بأصلِها.
ثمَّ أفاض في شَرحِ حقيقةِ الخوارج وحُكمِهم وصفاتِهم وعلاماتِهم، وحُكم قتالِهم، وذكر أنَّ الأصلَ في قتالِ الخوارجِ الذين يَصولونَ على المُسلِمين ويَسفِكونَ دِماءَهم ويستحِلُّونَ حُرُماتِهم- هو الوجوبُ، ونقل في ذلك أثَرَ نافعٍ عن ابنِ عُمرَ أنَّه (كان يرى قتال الحروريَّةِ حقًّا واجبًا على المُسلمين) وذكر قولَ ابن سيرين (ما علمتُ أحدًا يتحَرَّجُ من قتالِ الحروريةِ تأثُّمًا) وذكر بعدها أنَّ من العلماء مَن يرى التفصيلَ في حكمِ قِتالِ الخوارجِ، وذكَرَ أقوالَهم وأدلَّتَهم في ذلك.
ومن المسائلِ التي تناولَتْها عقيدةُ الرازيَّينِ، وتناولها المؤلِّفُ بالشَّرح والتَّبيين كذلك: مسائِلُ الشَّفاعة، والإيمانُ بعذاب القبر، والإيمانُ بمُنكَر ونكير، وبالملائكةِ ومنهم الكرامُ الكاتبون، والإيمانُ بالبعث بعد الموت، والسَّمعُ والطاعةُ لوُلاةِ الأمورِ مِن المسلمينَ في المعروفِ، والجهادُ معهم، ومسألةُ الإمامة الكبرى ومخالفاتُ الطوائِفِ فيها، وغيرها من المسائل.
ثم كانت خاتمةُ العقيدةِ، وجاء فيها قولُ أبي حاتم الرازي: (وفَّقَنا الله وكلَّ مُؤمِنٍ لِما يحبُّ ويرضى من القَولِ والعَمَلِ، وصلَّى الله على محمَّدٍ وآله وسلَّم). وقال ابن أبي حاتم مبِّينًا تأييدَه لكلامِ الرازيَّينِ في عقيدتِهما: (وبه أقولُ).
وعلَّق المؤلِّفُ على هذا الكلامِ بِقَولِه: وهذه عقيدةُ الرازيَّينِ جميعًا، وهي ما أجمع عليه السَّلَفُ في الحجازِ والعراقِ، والشَّامِ ومِصرَ واليَمَنِ، وهي ما نعتَقِدُه نحن، ونلقى اللهَ تعالى عليه إن شاء الله.
ثم ختم المؤلِّفُ الكتابَ بمجموعةٍ مُهمَّةٍ من الفهارسِ الفنيَّة والعِلميَّة، التي تُبرِزُ كثيرًا من فوائدِ الكتابِ، من أهمِّها:
-
فهرس الآثار وأقوال الأئمة والعلماء
-
فهرس القواعد والكليات
-
فهرس المذاهب والأقوال
-
فهرس متن عقيدة الرازيين