تعددت مناهج التفسير ومدارسه واتجاهاته، على مدار التاريخ الإسلامي، ومن أهم مناهج التفسير: التفسير بالمأثور المجرد والتفسير الأثري النظري، والتفسير بالرأي المحمود، والتفسير بالرأي المذموم. وأفضل هذه المناهج هو منهج التفسير الأثري النظري، الذي يجمع بين اعتماد الأقوال المأثورة من آيات وأحاديث، وأقوال صحابة وتابعين، ولغة وشواهد شعرية-وبين النظر في الآيات، واستخراج بعض ما فيها من دلالات ولطائف وأحكام، وكثير من المفسرين في ا لقديم والحديث فسروا القرآن بقواعد هذا المنهج الأثري النظري! وبعض الدارسين لا يستطيع التعرف على قواعد وملامح هذه المناهج التفسيرية، ولا يتمكن من ملاحظة هذه القواعد في التفاسير المشهورة، و(توزيع) هذه التفاسير على تلك المناهج. والدراسات عن (مناهج المفسرين) قليلة، ومازالت في بداياتها، وأول من كتب معرفاً بالتفاسير وأصحابها هو الدكتور محمد حسين الذهبي رحمه الله، حيث نشر كتابه (التفسير والمفسرون) في نهاية الأربعينيات، ثم أعاد طباعته في الستينات، وقد استعرض فيه أهم التفاسير ومناهج أصحابها، منذ الصحابة وحتى العصر الحديث، وكان استعراضاً سريعاً، وجاء كتابه في ثلاثة أجزاء كبيرة! ولما كانت الحاجة ماسة إلى تعريف الدارسين-من طلاب جامعيين أكاديميين، ومثقفين إسلاميين، وطلبة علم حريصين عليه-بأهم مناهج المفسرين، وعرض لأهم قواعد كل منهج، وتعريف بأشهر التفاسير التي تحقق فيها هذا المنهج فقد أعددت هذه الدراسة (تعريف الدارسين بمناهج المفسرين). وجاءت بثمانية فصول، وفي كل فصل عدد من المباحث: الفصل الأول: عرض فيه بعض المقدمات التمهيدية الضرورية لمعرفة مناهج المفسرين، وجاء في ثلاثة مباحث: المبحث الأول عرف بمصطلح (مناهج المفسرين) وبين أهمية معرفة مناهج المفسرين. المبحث الثاني: تحدث عن مصطلحي: (التفسير) و(التأويل)، وعرض بعض الأقوال في التفريق بينهما، وذكر الراجح واستدلل له. المبحث الثالث: ستعرض استعراضاً سريعاً جداً حركة التفسير في مسيرتها التاريخية، منذ الصحابة وحتى العصر الحديث. الفصل الثاني: تحدث فيه عن أهم الشروط والضوابط والعلوم والآداب والتوجيهات التي لابد أن تتحقق في المفسرين، وتتمثل في تفاسيرهم، لتكون صحيحة صائبة. الفصل الثالث: تحدث عن تفسير القرآن بالقرآن والسنة، لأن هذا هو الأساس في التفسير، ولا بد لكل مفسر منهجي من أن يتعرف عليه وينطلق منه في تفسيره. الفصل الرابع: خصصه للحديث عن التفسير بالمأثور، باعتباره أول منهج من مناهج التفسير ظهر في حياة الصحابة والتابعين وتابعيهم. الفصل الخامس: تحدث عن المنهج الثاني من مناهج المفسرين، وهو التفسير الأثري النظري، أهم منهج من مناهج المفسرين. الفصل السادس: انتقل فيه للحديث عن المنهج الثالث من مناهج المفسرين، وهو التفسير بالرأي المحمود، أو التفسير العقلي المنضبط بالضوابط والشروط المطلوبة. الفصل السابع: رصد أهم الاتجاهات المنحرفة في التفسير، والتي يصح أن نسمي منهجها التفسيري: (التفسير بالرأي المذموم)، وكان رصداً سريعاً لأشهر الانحرافات في التفسير. وختمت هذه الدراسة بالفصل الثامن، الذي خصص للحديث عن التفسير في العصر الحديث. كما وختمت الدراسة