ما زالت الصوفية قائمة في بلدان المسلمين لها أتباعها ومريدوها الذين ينضوون تحت طرقها الكثيرة التي عمت بلدان المسلمين ولقد خدع بها الكثيرون يظنون أن الصوفية هي الباب إلى الزهد والتخلي عن الدنيا والإقبال على الله فكان لابد من تجلية حقيقة الصوفية وما آل إليه أمر التصوف لا سيما إذا كان ذلك صادرا عن أحد الأئمة الراسخين في العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية
وقد جمع الدكتور محمد العريفي كلام شيخ الإسلام فيما يتعلق بالصوفية في كتابه (موقف ابن تيمية من الصوفية) في دراسة واسعة و مهد لدراسته بترجمة موجزة لشيخ الإسلام ثم الكلام عن الفرق نشأتها وأصولها عند شيخ الإسلام.
وعقد الكتاب في خمسة أبواب فأما الباب الأول فكان عن مصادر ابن تيمية ومنهجه في عرض آراء الفرق الإسلامية ومناقشتها وتقويمه لكتب المقالات.
ثم في الباب الثاني التعريف بالصوفية تناول ما يتعلق بالصوفية ونسبتها ونشأتها والأطوار التي مرت بها وأهم فرقها وأبرز رجالها ومصادرهم في التلقي.
وفي الباب الثالث عرض لآراء الصوفية في الاعتقاد مرورا بتوحيد الربوبية والألوهية والأسماء والصفات والنبوة والولاية والكرامات واليوم الآخر والقدر وموقفهم من المعاصي ودرجاتها
وفي الباب الرابع تناول وسائل الطريق الصوفي كالخلوة والصمت والعزلة والجوع والسهر والأوراد والأذكار وتناول معالم الطريق الصوفي فتكلم عن المريد وآدابه والعهد والبيعة والتلقين والخرق والمرقعات والتعري
وفي الباب الخامس وهو آخر أبواب الكتاب تكلم عن موقف شيخ الإسلام من الصوفية عموما فذكر موقفه من مصنفاتهم وشخصياتهم وموقفه من رواياتهم ومروياتهم ثم عقد مقارنة إجمالية بين منهج ابن تيمية ومنهج غيره من المصنفين في عرض الصوفية .
وقد خلص المؤلف من خلال بحثه إلى أن الصوفية ابتغوا الهداية في غير الكتاب والسنة لذا ضلوا وأن تقديسهم للأشخاص كان السبب الرئيس في الوقوع في كثير من الضلالات والشركيات والبدع وهذه البدع نوعان إما عقدية أو سلوكية وأن شيخ الإسلام تولى الرد عليهم فيما خالفوا فيه أهل السنة مع إنصافه لخصومه وتفصيل لأحوالهم وعدم تعميم الأحكام عليهم وقبول ما لديهم من حق وإن كان قليلا .
وبعد هذا العرض لأبواب الكتاب ومباحثه التي بذل فيها المؤلف جهدا مشكورا في بيان حقيقة التصوف وموقف شيخ الإسلام منه نقول ما أحوج الأمة الإسلامية إلى أن تعود لكتاب ربها وسنة نبيها صلى الله عليه وسلم ونبذ البدع التي فرقت الأمة إلى فرق وطرق وجماعات فلن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها