الحمد لله الذي حفظ الشريعة الإسلامية، والسنة المحمدية من افتراء المفترين وكذب الكذابين، وسخَّر لهذا الدِّين مَن يذبُّ عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين؛ لتبقى هذه الشريعة عذبة المورد، نقية المصدر، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك
ولقد حذَّر المصطفى من الكذب عليه فقال: «إن كذباً عليَّ ليس ككذبٍ على أحد؛ فمن كذب عليَّ متعمداً.. فليتبوأ مقعده من النار»، وهذا يدلُّ على أنه واقعٌ، وهو من أكبر الكبائر، ولقد أمسك بعض الصحابة عن التحديث خشية الوقوع في ذلك، وطلب سيدنا عمر من يشهد لمن يُحدِّث عن النبي
ولما أعيا القرآنُ الحانقين الحاقدين أن يجدوا طلبتهم فيه.. يمَّموا شطر السنة المطهرة؛ رغبةً في الحصول على مآربهم، وانقدح في زناد عقول الفاسقين منهج التقوُّل على رسول الله ، وزيَّن لهم الشيطان فانغمسوا في الكذب على رسول الله إلى آذانهم، جاء بشير العدوي إلى مجلس سيدنا ابن عباس فجعل يُحدِّث بالغثِّ والسمين، فأعرض عنه، فقال: لِمَ لا تسمع حديثي؟ فقال ابن عباس رضي الله عنهما: (كنا إذا سمعنا رجلاً يقول: «قال رسول الله».. ابتدرته أبصارنا وأصغينا إليه، فلما ركب الناس الصَّعب والذَّلول.. لم نأخذ من الناس إلا ما نعرف)
ولما انتشرت الفتنة وتفرَّق الناس شذرَ مذرَ.. كثر الوضاعون والزنادقة، فقعد العلماء لهم كل مرصد، فكشفوا عُوارهم وزيفهم، وألَّفوا المؤلفات، ووضعوا علم الجرح والتعديل حتى وضع الخليفة المهدي ديوان الزنادقة لمحاسبتهم ومحاكمتهم، وصنف العلماء كتب الموضوعات قديماً وحديثاً
وهذا الكتاب يشتمل على أبحاث نفيسة: عن تعريف الوضع ونشأته، وأسبابه، وأشهر الوضاعين وأمثلة لذلك، جمعها الباحث المتخصص الدكتور عمر بن حسن فلاته، خلال سنوات عديدة