عبر قرون طويلة، استقر لدى المسلمين أن مصادر التشريع الأساسية هي القرآن الكريم والسُّنَّة النبوية الشريفة، وأن رأي الجمهور، والقياس والاجتهاد، كمصادر أخرى تالية للتشريع، إنما يجب أن تكون منطلِقة في أحكامها من المصدرَيْن الأوَّلَيْن، وأن هذه الحُجِّيَّة للسُّنَّة، ليست من باب المحبة فحسب للنبي الأعظم، محمد "صلَّى اللهُ عليه وسلَّم"، وإنما لأن القرآن الكريم أسس لهذه القاعدة
ولكن العقود الأخيرة، شهدت محاولات لنزع هذه الحُجِّيَّة عن السُّنَّة النبوية الشريفة، والتشكيك في كتب السُّنَّة لأسباب سياسية، وأخرى تتعلق بقضية الصراع بين الفكرة الإسلامية، والتيارات التغريبية والعلمانية في العالم العربي والإسلامي
وهو ما انتبهت له الصحوة الإسلامية المعاصرة، وبين أيدينا واحد من الأدبيات الموضوعة في صدد تبيان حُجِّيَّة السُّنَّة النبوية في التشريع الإسلامي، بالدليل الشرعي، وهو كتاب "السُّنَّة النبوية ومكانتها في التشريع الإسلامي" للدكتور مصطفى السباعي
والطبعة التي بين أيدينا، هي الطبعة الثانية من الكتاب، وصدرت عن المكتب الإسلامي (دمشق – بيروت) بالتعاون مع "دار الوراق" البيروتية، في العام 2000م، وجاءت في 521 صفحة
الكتاب جاء في ثلاثة أبواب رئيسة، قسَّم المؤلف كلاًّ منها إلى فصول، مع خاتمة تُعتبر جزءًا لا يتجزَّأ من المحتوى، وإضافة له
الباب الأول، وجاء في أربعة فصول، تناول السُّنَّة في التشريع الإسلامي، بدءًا من تعريف السُّنَّة، والمحطات الزمنية المختلفة للبدء في تدوينها، وأبرز الرواه وعلماء الحديث
الباب الثاني، وجاء في سبعة فصول، كان عن الشبهات الواردة على السُّنَّة في مختلف العصور، وركَّز فيها على موقف الشيعة والخوارج والمعتزلة والمتكلِّمين، من السُّنَّة، وحجج منكريها قديمًا وحديثًا والرد عليهم، مع إفراد مجال خاص للرد على المستشرقين
الباب الثالث، وكان في ثلاثة فصول، وتناول ترتيب السُّنَّة النبوية الشريفة في التشريع الإسلامي، وركَّز فيها المؤلف على نقطة التكامل القائم والتفاعل الموجود بين القرآن الكريم والسُّنَّة النبوية، سواء تفسيرًا أو نَسْخًا
الخاتمة، تناولت الأئمة الأربعة لأهل السُّنَّة، وأصحاب كتب الأصحاح الستة للسُّنَّة النبوية الشريفة، والرد على الشبهات المحيطة بهم