يعد هذا المختصر من أهم وأشهر متون الفقه عند متأخري الحنابلة، وذلك لاشتماله على مهمات المسائل في المذهب، دون النادر منها، ولاختصاره مع كثرة معانيه، ولاقتصاره على الأرجح-عند مصنفه-في مذهب الإمام أحمد رضي الله عنه، ولاعتماد مصنفه في وضعه على كتاب مقدم عند الحنابلة، وعليه الفتوى فيما بينهم، وهو منتهى الإرادات في جمع المقنع مع التنقيح وزيادات "فجمع هذا المختصر-مع صغر حجمه-علم أربعة من أئمة الحنابلة وهم: الموفق ابن قوامه صاحب المقنع، علاء الدين المراداوي صاحب التنقيح، ابن النجار صاحب المنتهى، مرعي بن يوسف صاحب الدليل.
وبالرجوع لمضمون الكتاب نجد أنه متن في فقه الحنابلة، مشى فيه مصنفه على قول واحد وهو الراجح في مذهب الإمام أحمد، حيث قال في مقدمته: "هذا مختصر في الفقه على مذهب الأحمد، مذهب الإمام أحمد، لم أذكر فيه إلا ما جزم بصحته أهل التصحيح والعرفان، وعليه الفتوى فيما بين أهل الترجيم والإتقان". وقد تبع في ترتيب كتبه وأبوابه "الإقناع" و"المنتهى" ومن هذا حذوهما إلا أنه قد خالف طريقة أكثر الأصحاب في ترتيب بعض المسائل مثل: صفة الصلاة، وصفة الحج.
ولما كان هذا الكتاب من أهم الكتب المختصرة في فقه الحنابلة فقد اعتنى "سلطان بن عبد الرحمن العيد" بخدمته والعمل عليه وذلك حتى يسهل الاضطلاع عليه من قبل العامة والخاصة وبالرجوع إلى نطاق عمله نجد أن يتمثل في خمسة أمور: الأول: كتابة المتن كتابة مرتبة، بتفكيك عباراته، وابتداء مسائله في أوائل السطور، ثم تفكيك ما تحت المسائل من فروع أو أنواع أو أسباب أو شروط أو أركان، وكل هذا بشكل ابتدائي وتسلسلي، حتى يتسنى للطالب تصور مسائله، وضبط فروعه وحفظ عناصره.
والثاني: ترقيم مسائل "الدليل" ترقيماً تسلسلياً، مما يسهل على الطالب حصر المسائل وحفظها، ومعرفة عدد المسائل التي تدخل تحت حكم واحد. والثالث: توثيق النص، بمقابلته على ثلاث نسخ، الرابع: التعليق على الكتاب بوضع تنبيهات على مخالفة المصنف للمذهب، وأخرى على عبارات في متن منتقده، وبيان كثير من المسائل التي خالف "الدليل" فيها "زاد المستنقع"، لاشتهار الكتابين، واعتماد الطالب عليهما كثيراً.
متن مختصر في فقه الحنابلة، وقد اعتنى به متأخروا الحنابلة عناية فائقة، حيث قام عدد منهم بشرحه والتعليق عليه وقد مشى فيه مصنفه على قول واحد وهو الراجح في مذهب الإمام أحمد وعليه مدار الفتوى، وقد اعتنى مؤلفه بترتيبه وبيان أحكامه، وهو مختصر لكتاب منتهى الإرادات في الفقه الحنبلي وهذه طبعة محققة ومقارنة مع نسخ خطية أخرى.