لقد خلف شيخ الإسلام ابن تيمية ثروة علمية عظيمة ليس في العقيدة والرد على أهل البدع بمختلف أنواعهم فحسب، بل في شتى مجالات العلوم الإسلامية والتي لا زال أهل العلم ينهلون من معينها ويفيدون منها لما تميز به شيخ الإسلام من سعة في الاطلاع, ومعرفة بالدليل المنقول والمعقول, وتمكن من الأصول, وعناية بالمقاصد الشرعية, لذا كانت اختياراته الفقهية مما ينبغي العناية به لمعرفة الراجح من أقوال أهل العلم في المسائل الخلافية والتي يخفى معرفة الصواب في كثير منها
ولقد قام ستة من الباحثين بالاعتناء باختيارات شيخ الإسلام من خلال ست رسائل دكتوراه تضافرت على دراسة اختيارات شيخ الإسلام مقتسمين الكتب والأبواب الفقهية بينهم
وهذه الدراسة تعد من أوسع الدراسات حول اختيارات شيخ الإسلام فقد حصرت اختيارات الشيخ من جميع كتبه وكتب تلامذته وغيرهم, فاستدركت القصور الذي وقع في المؤلفات السابقة التي جمعت اختيارات الشيخ رحمه الله، ولقد كان منهج الدراسة هو الاقتصار على اختيارات شيخ الإسلام التي خالف فيها المشهور من مذهب الحنابلة أو خالف فيها الأئمة الأربعة أو التي وفق فيها بين أقوال مختلفة
فجمعت الاختيارات بناء على الضابط السابق ووثقت من الكتب المعتبرة ورتبت حسب تصنيف كتاب المقنع لابن قدامة وحرر محل النزاع إن كانت بعض صور المسألة محل خلاف وبعضها محل اتفاق
واهتم الباحثون بذكر أقوال أهل العلم في كل مسألة مع الاقتصار على المذاهب الفقهية المعتبرة وذكر أقوال السلف مع التوثيق وذكر أدلة الأقوال ووجه الدلالة فيها وما يرد عليها وما يجاب عنها ثم في النهاية الترجيح وذكر ثمرة الخلاف إن وجدت
بالإضافة إلى مكملات الرسالة من تعريف للغريب وترجمة للأعلام غير المشهورين وتخريج الأحاديث إلى غير ذلك
فلا شك أن هذه الدراسة تأتي متواصلة مع العناية بكتب شيخ الإسلام ابن تيمية والتي تتابع أهل العلم على الاستفادة منها والعكوف عليها ، وقد بذل الباحثون جهدهم في الجمع والتوثيق لهذه الاختيارات بل والترجيح بين اختيارات شيخ الإسلام المتعارضة فجزى الله الباحثين خيرا