شرح الهداية المسمى غاية البيان نادرة الزمان في آخر الاوان
Sold Out
£546.00
This product is sold out
طبع هذا السفر النفيس بإشراف العبد الضعيف، واستمر العمل فيه لعدة سنوات
أهمية غاية البيان
يلْمس كلُّ مشتغل بالفقه الحنفي: كثرة تردُّد اسم العلَّامة الفقيه أمير كاتب الأتقانِيّ (المتوفى سنة: 758 هـ). وكتابه الضخم النفيس: «غايَة البَيَان نادِرَة الزَّمان في آخِرِ الأوَان في شرح الهداية» في كثير مِن كُتُب المذْهب الحنفي، تارة باسم المؤلف على ألوان متباينة مثْل: «قال الإتقاني»، أو «قال أمير كاتب»، أو « قال قِوَامُ الدِّينِ»، أو «قال الأُتْرَارِيّ»، ويتصحف كثيرًا بـ: «الأترازي»!
وتارة باسم كتابه على ألوان متباينة أيضًا: مثْل: قال في: «شرْح الهداية» أو «قال في الغاية»، أو «قال في غاية البيان».
وهذا يدل على أهمية هذا الكتاب وصاحبه، بل كان عمدة بعض التصانيف الكبرى في «شرْح الهداية»، وغيرها.
ولا ريْب أن: «غايَة البَيَان في شرْح الهداية» هو مِن أنفَس شروح «الهداية/للمرغيناني» وأطْوَلها وأجلِّها وأكثرها فوائد وعوائد، وقد كثرتْ ألْسِنة الثناء عليه مِن كبار العلماء والمؤرِّخين، سواء مِن أهل المذهب الحنفي أوْ غير ه.
ومَن غَرْبَلَ الكتابَ وخاض غمَرَاته استبانَ له: أنه لَمْ يكن كتابًا مذْهَبِيًّا خاصًا بالفقه الحنفي وحده، بل هو في الحقيقة موسوعة فقهية شاملة لمذاهب كثير مِن الفقهاء بما فيهم الأئمة الأربعة وغيرهم.
ويمكن تلخيص أهمية الكتاب في تلك الخطوات الآتية:
1- انفراد المؤلف بالنقل عن كُتُب نادرة (إمَّا مفقودة عند مَن جاء بعده، أو قليلة الوجود في الأعصار المتأخرة) مِن تصانيف مُتقدِّمي كبار أئمة المذهب الحنفي وغيرهم، وبواسطته نقَلَ كثيرٌ مِن المتأخرين عن هذه الكتب تصريحًا أو تلويحًا، وربما لا يُصرِّحون بذلك، كما هو دَيْدن البدر العيني في كتابه: «البناية شرح الهداية».
هذا بالإضافة إلى نقولات أخرى نفيسة مِن كتب مفقودة (فيما نعلم) في النحو والأدب والشعر والحديث والتفسير وغيرها مِن الفنون.
2- اهتمام المؤلف بحكاية المذاهب الفقهية وأدلتها ومناقشتها وغَرْبلتها والرد على المخالفين، وقد يَطُول نَفْسُه في هذا الصدد وقد يَقْصُر.
3- الاحتفاء البالغ بالقواعد الفقهية، والتراتيب الأُصولية، وإيراد الشواهد النحْوية والبلاغية والشِّعْرية.
4- الدقة البالغة في نُقولاته عن كُتُب أهل مذهبه خاصة؛ بحيث كان لا ينقل منها بالمعنى أو الاقتضاب إلا نادرًا، وقد حافَظَ بهذا الصنيع على معرفة كثير مِن أقوال الأئمة الأوائل -كما وصلَتْه- في أدلة المذهب ودقائق مسائله.
5- ومِن محاسنه: أنه وقَف على جملة مِن الكتب المُسْنَدة النفيسة التي لَمْ تَصِلْنا اليوم إلا محذوفة الأسانيد أو مبتورة في عدة مواضع!
وذلك:
أ- وكـ: «مختصر أبي الحسن الكرْخي» وهو ينقل منه جملة مِن الأسانيد المرفوعة والموقوفة والمقطوعة عن السلف والسابقين، وهذا المختصر (مع كونه غير مطبوع) قد تتبَّعْنا كثيرًا مِن نُسَخه (ولا يكاد يوجد إلا مع شُروحه) فلَمْ نظفر فيه بتلك الأسانيد ولا بعضها! وإنما وجَدْنا بعضها هناك معلّقًا وحسب!
ب- وكذا كان ينقل الأخبار المرفوعة والموقوفة بالأسانيد مِن: «معجم الصحابة» لابن شاهين، ومِن كتاب: «كشْف الآثار الشريفة، في مناقب أبي حنيفة/وهو كتاب مُسْنَد»، ومِن غيرهما منِ تلك التصانيف التي لَمْ نظفر بوجود لها في كثير مِن فهارس المكتبات المخطوطة في جَنَبات العالَم.
6- وقد كان ميْلُ المؤلف الشديد للمذهب الحنفي: جَعلَه كثيرَ الافتراع لأدلة دقيقة لم يُسْبَق إليها في سبيل نُصْرة ما هو بسبيله، مع انفراده بأجْوِبَة كثيرة مُبْتكرة في دَرْء أدلة المخالفين والاعتراض عليها.
7- كما كان المؤلف كثير الترجيح في المَذْهب، والاعتراض على الأقوال الضعيفة فيما يراه، وتحرير ذلك بما يدل على يقَظة عالية، ومعرفة قوية.
وقد اعتنى كثيرًا ببيان المسائل المرجوحة أو المغلوطة في كلام صاحب: «الهداية»، وأرْدَف ذلك بتَتِمَّات وتعَقُّبات مهمة في بابها.
هذا زيادة عن تقريظاته لجملة مِن تصانيف أئمة المذهب الأوائل وبيان قُرْبها منه أوْ بُعْدها، مع تِبْيان مراتب أصحابها مِن العِلْم والمَكانة.
عمَلُنا في الكتاب
مِن فضل الله وتوفيقه أنْ أعثَرَنا على أكثر مِن سبعين نسخة خَطِّيَّة لهذا الكتاب الجليل: «غاية البيان»، متناثِرَة في مكتبات العالم، وقد تطلَّعْنا في جميعها، وسرَّحْنا النظر في غضونها، وتفحَّصْنا تواريخَ نَسْخها، وأسماء ناسخيها، وخَبَرْنا حدَاثةَ كتابتها مِن قديم مَبَانِيها.
وقد انتخبْنا منها أجْوَدها، واختَرْنا مِن بيْنها الأجزاء التي بخط المؤلف قطعا، وما قرأت عليه ، وأقربها إلى المؤلف وأحْسَنها، فوقَفْنا منها على عدة أجزاء بخطّ المؤلّف (وقد بيَّنَّا الثابت منها والمشكوك فيه) وعدة أجزاء قُرِئتْ على المؤلِّف حتى عام وفاته سنة: (758 هـ).
وعدة نُسَخ أخرى كاملة كلها منقولة عن خط المؤلّف، ونُسَخ أخرى ناقصة منقولة أيضًا عن خطّ المؤلف.
وقد تنكبَّنا عن النُّسَخ المتأخرة إلا لِمَامًا، كما لَمْ نعتمد جميع النُّسَخ المتقدمة، فتخيَّرْنا منها ما يكفينا في إخراج النص كما ترَكه مؤلِّفُه أو أقرب إلى ذلك.
وقد قدَّمنا للكتاب بما يكشف عنه، ويُجَلِّي قيمته العِلْمية، ويدفع عنه النقد المُجْحِف، ويُعرِّف بمؤلِّفه، بأمور تكشف لأول مرة عن نفسه وأبنائه العشرة، وأمور أخرى نقلناها من خطه.
وقد أفضنا في هذه المقدمة عن هذا الكتاب العظيم بمقدمة توضح نسخه ومخطوطاته، وتُوضِّح منهجنا في تحقيقه على وجه محمود، وأرْدَفْنا ذلك كله بصُوَرٍ لنماذج مِن بدايات ونهايات النُّسَخ التي وقَفْنا عليها، وأجزاء كلٍّ منها.
وقد مشَيْنا على نمَطٍ فريد في توثيق نصوصه ونُقُولاته بمقابلة المُشْكِل منها على الأصول الخِطِّيِّة لكثير مِن التصانيف؛ لا سيما كُتُب السادة الحنفية خاصة، كما أوْلَيْنا عناية دقيقة بمتْن «الهداية»، مع إثبات فروق ألفاظه التي يشير إليها المؤلف؛ بالرجوع إلى أتقن ست نُسَخٍ له وأفضلها فيما نعلم.
والله مِن وراء القصد، وهو الهادي إلى أقْوَم سبيل.